شهدت السنوات الأخيرة، تركيز متزايد داخل مؤسسات التعليم على تطوير ممارسات التعليم الشامل. لأن تكافؤ الفرص في التعليم يعتبر أولوية وطنية. ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل الداخلية والخارجية، بما في ذلك السياسات التعليمية، والتشريعات المناهضة للتمييز، وزيادة تنوع التلاميذ، والاعتراف المتزايد بأن الأساليب التقليدية للتعليم والتعلم والتقييم تتطلب مراجعة شاملة.
وفي العقد الحالي أصبح التصميم الشامل للتعلم (Universal Design for learning) والمعروف اختصاراً بـ (UDL)، موضوع مُتداول وشائع في مجال التربية الخاصة. واكتسب أهمية كبرى في الميدان التربوي والتعليمي، وذلك نتيجة للوعي المتزايد في الحاجة إلى تزويد الأفراد من ذوي الإعاقة بالوصول إلى المنهج العام (Access to the general curriculum). ويعد التصميم الشامل للتعلم إطارًا تعليميًا يجمع بين مبادئ التصميم الشامل (Universal Design)، وبحوث علم الأعصاب (Neuroscience). ويهدف إلى جعل التعلم متاحًا لمجموعة متنوعة من القدرات ونقاط القوة والتفضيلات التعليمية. ويعمل على النموذج الاجتماعي للإعاقة (Social model of disability)، الذي يؤكد أن الأفراد ليسوا معطلون، بل يتم تعطيلهم من خلال البيئات وخبرات التعلم غير المصممة لهم في الاعتبار، والتي لا تتناسب مع اختلاف قدراتهم. كما يهدف التصميم الشامل للتعلم إلى تعزيز الوصول إلى التعلم عن طريق الحد من الحواجز المادية والمعرفية والتنظيمية وغيرها من العوائق. بالإضافة إلى ذلك فإن مبادئ التصميم الشامل للتعلم تتوافق مع تطبيق ممارسات التعليم الشامل في الفصول الدراسية. ويقدم التصميم الشامل للتعلم فكرة مفادها أن المعلمين يجب عليهم التخطيط للدعم التعليمي في بداية تخطيط الدروس، بدلاً من تعديل المواد كفكرة متأخرة. وهو أحد الحلول الممكنة لمساعدة معلمي التربية الخاصة والتعليم العام في تطوير خطط الدروس التي تتناسب مع مجموعة متنوعة من التلاميذ.
يتكون نموذج التصميم الشامل للتعلم من ثلاثة مكونات رئيسة، للتغلب على الحواجز الموجودة داخل فصول التعليم العام وهي: (التمثيل، التعبير، والمشاركة). حيث يشير العنصر الأول؛ التمثيل (Representation)، إلى التعديلات التي يمكن إجراؤها على المواد الدراسية بحيث تكون أكثر قابلية للوصول إلى التلاميذ من ذوي الإعاقة (مثل: الكتب المعدلة، الكتابة الكبيرة، والنصوص الرقمية). ويحدد العنصر الثاني؛ التعبير (Expression)، طرقًا بديلة للتواصل مع التلاميذ من ذوي الكلام المحدود (مثل: استخدام أجهزة التواصل المعززة، أجهزة الكمبيوتر، وبرامج الرسوم). ويشرح هذا المكون كيف يمكن للتلاميذ التعبير عن أنفسهم من خلال الإجابة على الأسئلة والتواصل في إطار الفصل الدراسي. ويوضح العنصر الثالث؛ المشاركة (Engagement)، استخدام الاستراتيجيات التي تُشرك التلاميذ من ذوي الإعاقة في عملية التعلم (مثل: توفير التكرار، المعرفة والإلمام، وفرص الاستجابة). وتساعد هذه المكونات في تقليل الحواجز التي تعترض المنهج دون المساس بمعايير الإنجاز.
ختامًا، تؤكد الدراسات والأبحاث الحديثة في مجال التربية الخاصة أن التصميم الشامل للتعلم له تأثير عميق على التعليم والتعلم. حيث ينطوي على دمج مجموعة متنوعة من الأساليب، من أجل إشراك جميع التلاميذ في منهج شامل يُقدر التنوع، ويزيد من نتائج التعلم دون خفض المعايير أو التوقعات.
عدنان الحازمي
عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة | قسم التربية الخاصة