أثر الاضطرابات اللغوية على سلوكيات الأطفال

11 أكتوبر 2022

إن سلوكيات الأطفال ماهي إلا ترجمان عن مشاعرهم و ما يمرون به في حياتهم اليومية. فسلوكياتهم نوع من أنواع تواصلهم مع بيئتهم المحيطة للتعبير عن أنفسهم و ما يشعرون به. و قد تكون سلوكياتهم مؤشراّ على بعض الصعوبات التي قد يواجهونها فتظهر لديهم مشاكل سلوكية تعكس هذه الصعوبات. 

من الجدير بالذكر أن نعلم بأن الكثير من الدراسات التي تناولت العلاقة بين سلوكيات الأطفال و مستواهم اللغوي وجدت أن هناك علاقة بين هذين المؤشرين؛ فكلما تدنى مستوى القدرات اللغوية لدى الطفل زادت احتمالية ظهور المشاكل السلوكية لديه. 

سنتعرف في هذه المقالة على أثر المهارات اللغوية على سلوكيات الأطفال و الطرق التي يمكننا استخدامها لتعزيز السلوك الإيجابي لديهم من خلال جلسات النطق والتخاطب. 

بداية، يجب أن نعلم بأنه بأن هناك احتياجات خاصة بالتواصل لها علاقة باستخدام اللغة عند الأطفال،  فقد يواجه الأطفال أنواع مختلفة من الصعوبات تشمل: 

  • صعوبة في فهم ما يقوله الآخرون لهم خصوصًا فيما يتعلق بفهم التعليمات المتسلسلة و فهم المقصودات الضمنية التي لا يتم ذكرها بشكل مباشر.
  • صعوبات في فهم  طبيعة المحادثات و قواعدها المتعارف عليها، بما في ذلك كيفية التعامل مع سوء الفهم لدى المتلقي وهذه الصعوبة قد يكون سببها بطء معالجتهم للمعلومات، مما يؤدي بهم إلى عدم فهم الإشارات و الإيماءات وبذلك يفشلون في إدارة المحادثات بشكل فعّال.
  • صعوبة فهم النكات والتعابير المجازية و التعابير الساخرة و التي جميعها تعتمد على مهارات لُغوية تحليلية مهمة في التفاعل الاجتماعي. 

  فمن المحتمل أن سبب الصعوبات المذكورة أعلاه والعائق الرئيسي هو تدني الحصيلة اللغوية  لدى الأطفال.

يمكننا فهم هذه العلاقة، بين المهارات اللغوية وسلوكيات الأطفال، أكثر من خلال النظر في تأثير الاضطرابات اللغوية على المهارات والقدرات الأخرى التي يحتاجها الطفل بشكل عام. لذا قد يبدو هؤلاء الأطفال غير متعاونين أو غير مطيعين في حين أنهم في الواقع يواجهون تحديات في فهم التعليمات – فهم باختصار لم يفهموا.

 و غالباً ما يعاني الأطفال المصابون باضطرابات اللغة من ضعف في قدرات الذاكرة، مما يعني أنهم أكثر عرضة للإلهاءات وهم بحاجة مستمرة لتكرار المعلومات. وللأسف، قد تُفسّر هذه الصعوبات في كثير من الأحيان على أنها كسل أو رغبة متعمدة لإحباط معلميهم و ذويهم. 

يجب أن نعي جميعاً بأن للغة دور كبير ورئيسي في حياة الأطفال، فدور اللغة جوهري فيما يتعلق بالتنظيم العاطفي و إدارة المشاعر. إن العثور على الكلمات المناسبة التي تصف المشاعر التي يمر بها الصغار قد لا يكون أمراً سهلاً بالتالي يجد الأطفال صعوبة في التعامل مع عواطفهم و تهدئة أنفسهم. 

يمكننا النظر للسلوكيات السلبية عند الأطفال على أنها تعبير سلوكي لما يودون أن يقولونه لفظياً. فمثلاً، قد يكون السلوك السلبي دلالة على: “أنا لا أفهم ما  تريدني القيام به” أو “إن هذه المهمة صعبة جداً علي”. بالتالي، فإن من الضروري دعم المهارات اللغوية لدى الأطفال بشكل عام و الأطفال ممن لديهم مشاكل سلوكية بشكل خاص. فإن عدم دعم المهارات اللغوية لديهم قد يتسبب بتفاقم مجموعة مخاطر تتعلق بالسلوك منها:

  • صعوبات في تكوين صداقات، بالتالي فرص أقل لتعلم كيفية التصرف والتواصل بشكل جيد
  • صعوبات تتعلق بالقدرات الخاصة بالقراءة والكتابة مما يؤثر على الأداء والتحصيل الأكاديمي المدرسي
  • زيادة خطر التعرض للتنمر
  • التأثير السلبي على المشاعر العاطفية

و بذلك، يلعب أخصائيي النطق والتخاطب دور مهم جداً في تطوير اللغة ومساعدة الأطفال. فيمكن لجلسات النطق و التخاطب مع المختصين أن تعزز السلوك الإيجابي بطرق مختلفة منها: 

١- فهم أكبر لاحتياجات الطفل فمثلاً:

●  يعمل المختصون بشكل تعاوني ضمن فريق لتحديد المهارات اللازمة والاحتياجات العاطفية التي قد تكون سبب السلوكيات السلبية عند الطفل.

● مساعدة  الطفل و توضيح احتياجاته الخاصة للآخرين.

● العمل على نشر ثقافة التعامل السليم مع المشاكل السلوكية أثناء حدوثها. 

 ٢- التدريب على طرق تكييف التعليم و طرق تقديم الدعم وهذا يشمل:

● توفير بيئات داعمة ومحفزة على التواصل.

● مشاركة استراتيجيات فعالة في تعليم المفردات مع الأسر و مقدمي خدمات التعليم والرعاية.

● التعاون مع الآخرين للتأكد من أن الأهداف السلوكية مناسبة بحيث يمكن فهمها وتقسيمها إلى أهداف صغيرة قابلة للتحقيق.

● المساهمة في التدريب على إدارة السلوك و توفير احتياجات التواصل للطفل.

٣- الدعم المباشر ويشمل:

● مساعدة الطفل على فهم احتياجاته والتعبير عنها وإشراكه في التخطيط للتغيير بطريقة فعالة؛ كمساعدته على فهم السلوك المطلوب منه بطريقة ملائمة له.

● تعليم الطفل مهارات الاتصال اللازمة للتصرف بشكل جيد.

● دعم الأطفال خلال مراحل الانتقال من مرحلة لأخرى- على سبيل المثال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية.

فيجب علينا كأسر تفهم احتياجات الأطفال و فهم العلاقة بين سلوكهم و مستوياتهم اللغوية، و السعي لحصولهم على الدعم الذي يحتاجونه في حال ملاحظة الحاجة لذلك. 

Resource: 

Understanding the links between communication and behaviour. Royal College of Speech & Language Therapists. (n.d.). Retrieved September 5, 2022, from https://www.rcslt.org/wp-content/uploads/media/Project/RCSLT/rcslt-behaviour-a4-factsheet.pdf