مع النمو الهائل في مجال التوحد في السنوات الأخيرة، كانت هناك حاجة متزايدة للمعلومات الحديثة وأساليب التدريس الفعالة وبرامج التدريب للآباء والمعلمين. ومن أجل فهم أفضل لاضطراب طيف التوحد، من الضروري فهم أفضل الممارسات واستراتيجيات التدخل التي يمكن استخدامها بعد الاكتشاف المبكر لاضطراب طيف التوحد عند الأطفال. وذلك للتأكد أنه يمكنهم الوصول إلى التدخلات القائمة على الأدلة لتوفير أفضل الفرص لتحقيق النمو والنتائج المثلى. وهناك أدلة إيجابية قوية لبعض التدخلات الفردية المستندة إلى مبادئ تحليل السلوك التطبيقي، مثل التدخل السلوكي المكثف. الذي يعتبر سمة أساسية في برامج التدخل المبكر، وهو البرنامج الأكثر بحثًا وطلبًا للأطفال الصغار من ذوي اضطراب طيف التوحد. حيث أشارت الأبحاث إلى أن التدخل المبكر للكثير من السلوك يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات متوسطة إلى كبيرة في الأداء الفكري، وتنمية اللغة، واكتساب المهارات اليومية والمهارات الاجتماعية، والحفاظ على المكاسب على مدى فترات المتابعة الطويلة.
التدخل السلوكي المكثف هو تطبيق محدد يندرج ضمن تحليل السلوك التطبيقي لتعليم مهارات جديدة بشكل مكثف، يتم فيه تقديم التدخلات السلوكية المكثفة من قبل معالج مؤهل، ويتكون من برنامج مكثف مخصص للغاية على أساس احتياجات كل طفل. ويستخدم أيضًا كأداة تقييم لتطوير البرامج التي تلائم احتياجات وأهداف كل طفل على حدة. حيث يهدف هذا البرنامج إلى تخفيف أعراض التوحد، زيادة معدل تعلم الطفل، وتقريب مهاراته إلى مهارات الأطفال العاديين، للحاق بأقرانه اجتماعياً وأكاديمياً ونمائياً، لضمان الانتقال السلس إلى المدرسة، ودمجه في البيئة المدرسية.
يتم التعامل مع الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد الذين يعانون من تأخر كبير في النمو بشكل مناسب مع نموذج التدخل السلوكي المكثف. فقد يكون الاضطراب شديدًا لدرجة أنه من غير المحتمل أن يعمل الأطفال بأمان في المنزل أو المجتمع. حيث يتم تقديم التدخل السلوكي المكثف على أساس 1: 1 أو في إطار مجموعة صغيرة. يُعلم هذا البرنامج الأطفال؛ مهارات الاستماع، المهارات الأكاديمية المبكرة، مهارات التقليد، التدريب على التواليت، ومهارات اللعب. بالإضافة إلى العمل على تعزيز مهارات التواصل وتقليل السلوكيات غير المناسبة التي قد تتداخل مع التعلم والمهارات الاجتماعية. ومن العوامل المهمة لنجاح الطفل هو التدريب على المهارات الأسرية حيث يتعلم الآباء أولاً تعميم المهارات المكتسبة في جلسات مع المعالج، ومن ثم يتعلمون كيفية استخدام استراتيجيات محددة للحصول على معدلات منخفضة من مشكلات السلوك ومعدلات استجابة عالية والحفاظ عليها.
ختامًا؛ أن العمل مع الأطفال بشكل علمي قائم على الأدلة ينتج نتاجًا تعليميًا لم يسبق له مثيل من قبل. وكلما كان الطفل أصغر سنًا، زادت احتمالية استفادته من برنامج التدخل السلوكي المكثف.
عدنان الحازمي
عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة / قسم التربية الخاصة