تتمثل فلسفة الدمج في تعزيز الفرص لجميع الأطفال للمشاركة والتعلم والمساواة في المعاملة، بغض النظر عن قدراتهم العقلية أو الجسدية. ويعني ذلك أن جميع الطلاب مرحب بهم في المدارس المجاورة للحي السكني في فصول دراسية منتظمة ومناسبة للعمر الزمني، ويتم دعمهم للتعلم والمشاركة في جميع جوانب الحياة المدرسة.
وعلى الرغم من التقدم الجدير بالثناء الذي تحقق خلال العقدين الماضيين لتوسيع نطاق دمج الطلاب من ذوي الإعاقة وضمان حصولهم على فرصة متساوية في التعليم، إلا أنه لا يزال يمثل تحديًا في جميع أنحاء العالم تقريبًا.
يتطلب دمج الطلاب من ذوي الإعاقة تطوير سياسات شاملة ومنصفة للاعتراف بأن الصعوبات التي تواجه تطبيق الدمج تنشأ من جوانب نظام التعليم نفسه، بما في ذلك: الأساليب التي يتم بها تنظيم أنظمة التعليم، واستراتيجيات التدريس التي يتم توفيرها، والبيئة التعليمية، والطرق التي يتم دعم تقدم الطلاب وتقييمهم. والأهم من ذلك هو ترجمة هذا الاعتراف إلى إصلاحات ملموسة، ورؤية الفروق الفردية ليس كمشكلة يجب إصلاحها، بل كفرص لإضفاء الطابع الديموقراطي للتنوع واحترام الكرامة الإنسانية وإثراء التعلم.
ويعتبر المنهج هو الوسيلة المركزية لتفعيل مبادئ الدمج في نظام التعليم. وينطوي وضع المناهج الدراسية التي تشمل جميع الطلاب على توسيع تعريف التعلم المستخدم من قبل المعلمين وصانعي القرار في التعليم. وطالما يتم تعريف التعلم بشكل ضيق على أنه اكتساب المعرفة التي يقدمها المعلم، فمن المرجح أن تكون المناهج والممارسات التدريسية المنظمة مغلقة بشكل صارم، بينما تعتمد المناهج الشاملة على الرؤية القائلة بأن التعلم يحدث عندما يشارك الطلاب بنشاط، مع أخذ زمام المبادرة في فهم خبراتهم. في هذا الرأي المتغير، يصبح دور المعلم تسهيل تعلم الطلاب. وهذا يجعل من الممكن تعليم مجموعة متنوعة من الطلاب معًا للوفاء بخصائصهم التعليمية واحتياجاتهم المختلفة. حيث لا يحتاج الطلاب إلى أن يكونوا في نفس نقطة تعلمهم، أو يتلقون نفس التعليمات من معلمهم. وبدلاً من ذلك ، يمكنهم العمل وفق سرعتهم الخاصة وطريقتهم الخاصة ، ضمن إطار عمل مشترك من الأهداف والأنشطة. وتعزز هذه الطريقة أيضًا الانتماء إلى المجتمع وفهم مشترك للقيم الأساسية والمواطنة والشعور بكونه جزءًا من مجتمع أوسع وإنسانية مشتركة.
ولا يعد الانتقال إلى الدمج مجرد تغيير فني أو تنظيمي. وإنما هي خطوة في اتجاه فلسفي واضح. يتطلب الانتقال إلى أساليب عمل أكثر شمولاً وإنصافاً تُحدث تغييرات في الثقافة عبر نظام التعليم. تتراوح هذه التغييرات من التحولات في قيم صانعي السياسات وطرق التفكير، التي تمكنهم من توفير رؤية جديدة لتشكيل ثقافة الدمج، إلى تغييرات كبيرة في المدارس. ويتطلب ذلك مجموعة مشتركة من الافتراضات والمعتقدات مثل تقدير الاختلافات، والإيمان بالتعاون، والالتزام بتوفير الفرص التعليمية لجميع الطلاب. من أجل إتاحة فرص النجاح لكل طالب بغض النظر عن الإعاقة.
إن دمج الطلاب من ذوي الإعاقة في الفصول الدراسية في التعليم العام له فوائد لا تعد ولا تحصى، تمتد إلى الطلاب من ذوي الإعاقة وغيرهم من دون الإعاقة. فقد أثبت العديد من الأبحاث في العقدين الماضيين فوائد الدمج لجميع المشاركين في العملية عندما تشتمل المدارس على طلاب من ذوي الإعاقة في بيئة عامة. فهناك فرص أكبر للنمو الأكاديمي لأنهم سوف يتمتعون بقدر أكبر من الوصول إلى المنهج العام. ومع زيادة التعرض لتحديات التعلم تكون لديهم فرص أفضل لاتخاذ خطوات أكبر إلى الأمام. بالإضافة الى ذلك؛ زيادة الفرص لتعزيز المهارات الاجتماعية والتعرض لنماذج القدوة المناسبة من خلال التفاعل مع أقرانهم في بيئة التعليم العام. لأن التواجد في تلك البيئة يمنح المزيد من الفرص للطلاب ليكونوا قادرين على الاختلاط الاجتماعي، ويزيد من احترام الذات والثقة بالنفس. ويعطى احترامهم لذاتهم دفعة قوية عندما يكونون بين أقرانهم في البيئة العادية. وهذا يخلق فرص أكبر للقبول في المجتمع. ومن ناحية أخرى سوف يستفيد الطلاب من غير ذوي الإعاقة من وجود أصدقاء لهم والشعور بمشاعر تقدير الذات عندما يُطلب منهم المساعدة أو تعليم أقرانهم.
ومن أهم المشكلات التي تواجه الطلاب من ذوي الإعاقة عند دمجهم في الفصول الدراسية بالتعليم العام أن المعلم المسؤول عن الفصل قد لا يكون لديه تدريب رسمي في التربية الخاصة. يُمكنه من التعامل مع الصعوبات ومعالجتها. لذا لا بد أن يكون لدى المدارس العادية فريق دعم مدرب بشكل ملائم لمساعدة الطلاب من ذوي الإعاقة مع أي صعوبات قد تواجههم.