تعد استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو أحد الاستراتيجيات المبنية على الأدلة التي يمكن استخدامها لتنمية المهارات السلوكية والأكاديمية لدى الأفراد ذوي الإعاقة، فوفقًا لهذه الاستراتيجية يتم تسجيل فيديو للطفل وهو يؤدي المهارة المستهدفة بنجاح ثم يطلب منه مشاهدة الفيديو وملاحظة نفسه وهو يقوم بأداء السلوك المستهدف ليقوم بتقليده حتى يتمكن من أدائه بشكل مستقل وناجح. وتعد الجهود التي قام بها كلاَ من Creer و Miklich عام (1970) من أوائل الجهود التي أبرزت فعالية استخدام هذه الاستراتيجية لتعديل السلوكيات الاجتماعية غير الملائمة، بحيث قاما بتنفيذ استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو لتعديل سلوك طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، يقيم بأحد المراكز العلاجية لحالات الربو القصبي، كان الطفل يظهر العديد من السلوكيات الغير ملائمة والتي تحد من اندماجه مع الأطفال الملتحقين بالمركز العلاجي، خضع الطفل لعدة تدخلات سلوكية ولكنه لم يستجب بالشكل المطلوب حتى صمم Creer و Miklich تدخل سلوكي يعتمد على تطبيق استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو بحيث تم تسجيل الطفل وهو يؤدي السلوكيات المرغوبة اجتماعيا بالشكل المطلوب، وبعد مشاهدة الطفل لتلك السلوكيات قام بتنفيذها بنجاح مما ساهم باندماجه بشكل ناجح مع أقرانه.
بعد أن طبقت الاستراتيجية بنجاح لدعم السلوكيات المرغوبة لدى التلاميذ، اتجه الباحثون لتقييم فعالية تطبيقها مع التلاميذ ذوي الإعاقة لتعزيز التحصيل الأكاديمي لديهم. لقد قادت تلك الجهود إلى ظهور عدد من الدراسات التي ناقشت فعالية استخدام استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو لتنمية المهارات القرائية لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية ذوي صعوبات القراءة لاسيما أن 80% من التلاميذ الذين يتم تصنيفهم ضمن فئة صعوبات التعلم يتم تشخيصهم بصعوبات القراءة. ولقد أشارت نتائج تلك الدراسات إلى فعالية استخدام الاستراتيجية مع التلاميذ ذوي صعوبات القراءة، وكذلك التلاميذ ذوي المشكلات القرائية؛ حيث أن التدخلات القرائية المصممة بشكل يتضمن استخدام نمذجة الذات باستخدام الفيديو كأحد المكونات الأساسية للتدخل ساهم بتحسين تحصيل التلاميذ في مادة القراءة بشكل ملحوظ. كما اتضح فعالية التدخل بتحسين الطلاقة القرائية لدى التلاميذ بحيث تعزز الاستراتيجية قدرة التلاميذ على قراءة نصوص قرائية تحتوي على عدد محدد من الكلمات، خلال فترة زمنية محددة، وبشكل صحيح مما يحفز مهارات الفهم القرائي لديهم. ومن الجدير بالذكر أن تطبيق استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو مع استراتيجيات أخرى كاستراتيجية تدريس الأقران، خارطة القصة، أو مراقبة الذات يسهم بزيادة الحصيلة القرائية لديهم بشكل فعال قد يؤدي إلى تقليص فجوة التحصيل القرائي بينهم وبين أقرانهم الذين لا يظهرون مشكلات قرائية.
ومما يزيد من أهمية هذه الاستراتيجية إمكانية تطبيقها في البيت والمدرسة من خلال اتباع خطوات بسيطة يمكن أن تنفذ كما يلي:
1- حدد النص القرائي المناسب لمستوى التلميذ مع مراعاة تحديد عدد الكلمات في النص والمهارات القرائية المتضمنة بشكل ملائم
2- حدد جهاز إلكتروني يمكن استخدامه بسهولة واستقلالية من قبل التلميذ، على سبيل المثال (iPad, iPhone, Mac)؛ والذي يمكنك من خلاله استخدام أحد التطبيقات التي تساعدك على مونتاج الفيديو بشكل جيد كتطبيق (iMovie).
3- جزء النص القرائي إلى عدة جمل، اقرأ الجملة الأولى، اطلب من التلميذ قراءتها وقم بتسجيله عبر الفيديو. إذا قرأها التلميذ بشكل صحيح وبسرعة مناسبة انتقل إلى الجملة الثانية ونفذها بنفس الطريقة. أما في حالة قراءة الطالب للنص بشكل غير صحيح وبسرعة غير مناسبة، قم بحذف قراءته الخاطئة للجملة، اطلب منه إعادتها إلى أن تحصل على تسجيل يعكس قراءته الصحيحة للجملة، وهكذا حتى يكتمل تسجيل قراءة التلميذ للنص كاملًا وبشكل صحيح
4- قم بمراجعة التسجيل قبل أن يشاهده التلميذ، وبعد التأكد من صحته اطلب من التلميذ مشاهدته عدة مرات مع محاكاة قراءته إلى أن يتمكن من قراءة النص بطلاقة.
من خلال هذه الخطوات يتضح أن استخدام استراتيجية نمذجة الذات باستخدام الفيديو تتيح للمعلمين تجزئة المهارة المرغوب تعليمها للتلميذ إلى عدة خطوات تتناسب مع إمكانيته، كما تتيح للتلميذ إعادة محاولة اتقان كل خطوة إلى أن يتم إنجازها بالشكل المطلوب. بالإضافة إلى ذلك اعتمادها على استخدام التكنولوجيا يعد من أهم الحوافز التي تدفع التلاميذ للإنجاز وتكرار محاولاتهم في البيت والمدرسة على حد سواء.