اضطراب طيف التوحد ، بين الحقائق العلمية و الادعاءات المضللة

11 مايو 2018

هنالك الكثير من الادعاءات المضللة والمغلوطة تنتشر حول اضطراب طيف التوحد . حيث أن عدداً كبيراً من هذه الادعاءات ليس له أي استناد علمي ، و الكثير منها تم دّحضها بدراسات وأبحاث تثبت العكس تماماً. من خلال هذه المقالة نحاول سرد بعض هذه الادعاءات حول اضطراب طيف التوحد ومناقشتها.‎

  • هل يتوفر علاج طبي “دوائي” لاضطراب طيف التوحد؟

صحيح أنه لا يوجد علاج طبي “دوائي” لاضطراب طيف التوحد إلى الآن، ولكن التدخل المبكر هو من أهم العلاجات التي أثبتت الأبحاث العلمية فعاليتها. فكلما كان هناك تدخل مبكر كلما كان هناك فاعلية أكثر من خلال التدخلات السلوكية والتعليمية التي يقوم بها المعالجون المتخصصون ذو الكفاءة والتدريب لمساعدة الأطفال من خلال تطوير مهاراتهم اللغوية والإجتماعية (3) . وهذا ما أكدته الدكتورة شرايبمان عندما سئلت عن أكثر العلاجات فعالية لاضطراب طيف التوحد عند الأطفال، فكانت إجابتها بأن العلاج السلوكي يساعد في إحداث تغيير إيجابي ويحسّن أعراض اضطراب طيف التوحد (4).

أعتقد أن ما يجعل هذه المعلومه الخاطئه تنمو هو عدم الفهم الصحيح لاضطراب طيف التوحد وعدم إدراك أن الاطفال المصابين بهذا الاضطراب لديهم قدرات مختلفة كبقية الأطفال، حيث تختلف استجابة الطفل للعلاج بناء على عدد من المتغيرات (الطفل، مدى إشراك الأسرة، بداية البرنامج العلاجي، كثافته، ..الخ). ومن خلال هذه المتغيرات يصعب القول ان هناك علاج أو خطة واحدة لكل طفل مصاب باضطراب طيف التوحد لأن ليس كل الأطفال يستجيبون لنفس الخطة العلاجية .

  • ماعلاقة لقاح بعض الأمراض باضطراب طيف التوحد؟

في عام ١٩٩٨م نشر طبيب الأطفال البريطاني أندرو ويكفيلد وزملائه في دراستهم أن (لقاح الحصبة – النكاف

– الحصبة الألمانية ، )Measles, Mumps and Rubella ) تلعب دور أساسي في اضطراب طيف التوحد. حيث هيجت دراسته الكثير من مخاوف الأباء ووسائل الإعلام في ذلك الوقت. في عام ٢٠١٠ اعتبرت هذه الدراسة مزيفة ومزورة وفي العام نفسه تم طرد هذا الدكتور من سجل الأطباء وإدانته بخيانة الأمانة وسوء السلوك المهني. نستنتج مما ذكر أعلاه أن ما قيل في الأعوام السابقة حول علاقة اضطراب طيف التوحد باللقاحات ليس له أي أساس علمي وقد فشلت العديد من الدراسات في العثور على علاقة بين اضطراب طيف التوحد واللقاحات . غير أن هناك أكثر من ٢٥ دراسة تنفي الصِّلة بين اضطراب طيف التوحد واللقاح (1).

  • هل هناك علاقة بين اضطراب طيف التوحد والعبقرية؟

جميع المصابين باضطراب طيف التوحد عباقرة! تعتبر هذه الفكرة “سوء فهم إيجابي” بالنسبة للأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد. هذا كما تقول الدكتورة ليزا” ولَك أن تتخيل كيف يكون الأمر محبط بالنسبة لآباء وأمهات أطفال اضطراب طيف التوحد”. وقد يسبب فهمنا الخاطئ حين نقوم بوصف جميع الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد بالعبقرية الكثير مِن التحديات والإحباطات للأهالي وهذا ما تأكد عليه الدكتورة أليسون الباحث المساعد في جامعة كونيتيكت حيث تم تشخيصها باضطراب التوحد في عمر الثالثة. “تقول لدينا موهبة مثل بقية الناس ولكن القول بأن جميع مصابي اضطراب طيف التوحد متفوقون بأي شكل يعتبر مثل تبرير وجودنا مع أشخاص آخرين حيث يجب علينا الحفاظ على هذه الفكرة أو لن نكون مرغوب بنا”! (1). خلاصة القول أن المصابين باضطراب طيف التوحد يمتلكون قدرات مختلفة ونسب ذكاء مختلفة أيضاً. فليس من مصلحتهم أن نعمم هذه الفكرة ولكن الأفضل هو تقييم قدراتهم ومعرفة ما هي المهارات التي تنقصهم والتي يحتاج إلى تطويرها وتنميتها.

  • هل توجد علاقة بين اضطراب طيف التوحد واللغة؟

أجريت دراسة على ٥٣٥ طفل مصاب باضطراب طيف التوحد الحاد مع تأخر شديد في اللغة. حيث وجدوا أن ٧٠٪ من هؤلاء الأطفال استخدموا جُمل بعمر الثمان سنوات و٤٧٪ يتحدثون بطلاقة (2). بناءاً على هذه الدراسة يمكن القول بأن أطفال طيف التوحد قادرين على التحدث وأن المشكلة ليست في اضطراب التوحد وإنما في الاضطرابات المصاحبة لاضطراب طيف التوحد مثل اضطراب التواصل أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. وهذا ما تأكدت منه الدكتورة Wodka في دراسة قامت بها بعنوان اضطراب طيف التوحد هو ليس اضطراب لغة أو كلام بل هو اضطراب التواصل الإجتماعي . فمفهوم أهمية التواصل مع شخص آخر ليست موجودة لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد. فهي تؤكد على أهمية التدخل المبكر لأنه من خلال التدخل يتم تحفيز الأطفال على التواصل وتبادل الخبرات مع الآخرين التي قد تساعدهم على تحسين الكلام (5). إنه ليس من الصحيح القول أن المصابين باضطراب طيف التوحد غير قادرين على الكلام ولكن الصحيح أن اضطراب طيف التوحد قد يكون مصحوب بمجموعة اضطرابات أخرى قد تؤثر على تأخر الكلام خصوصاً في الخمس سنوات الأولى من حياة الطفل.

  • هل توجد علاقة بين اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة و تشتت الإنتباه؟

في السنوات الأولى من حياة الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد قد تتداخل الكثير من المتلازمات مثل اضطراب فرط الحركة و تشتت الإنتباه. وفي عام ٢٠١٠ م تم إيجاد مصطلح (ESSENCE)

‏(Early Symptomatic Syndromes Eliciting Neurodevelopmental Clinical Examinations)

الذي يهدف إلى وصف التعقيد للمشاكل التنموية لاضطرابات الأطفال قبل سن الخمس سنوات. حيث يوجد إرتباط وثيق بين اضطراب طيف التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه. تشير الدراسات الى أن ٣٠٪ من معايير تشخيص اضطراب طيف التوحد تجتمع مع معايير اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه. بمعنى أن عدد كبير من الأطفال المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه لديهم عدد من سمات اضطراب طيف التوحد مثل اللغة والتواصل، وضعف التفاعل الإجتماعي، و الإنتباه و السلوكيات النمطيه. من المهم جداً التحقق بشكل منهجي وكامل في جميع الجوانب سواء المعرفية، التفاعلات الإجتماعية، الانتباه واللغة والبدء في العلاج السلوكي (2).

  • هل مصابين اضطراب طيف التوحد لا يمتلكون المشاعر ؟

الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد يفتقرون الى العاطفة أو التعبير عن مشاعرهم، تعتبر من المفاهيم الخاطئة حول اضطراب طيف التوحد. وايضاً تعتبر من التحديات التي يواجهونها مصابين اضطراب طيف التوحد. فكل مافي الأمر هو أن مصابين اضطراب طيف التوحد لديهم صعوبة في التواصل مع الآخرين وضعف في التواصل الإجتماعي. وبذلك يصعب عليهم إيصال مشاعر الحزن والفرح. اضطراب طيف التوحد لِا يجعل الشخص غير قادر على الشعور بالمشاعر التي نشعر بها بل المشكلة في ايصال المشاعر (6).

المراجع

  1. Jarrett, C. (2014). Autism-Myth and reality. PSYCHOLOGIST27(10), 746-749.
  2. Hadjikhani, N. (2014). Scientifically deconstructing some of the myths regarding autism. Swiss archives of neurology and psychiatry165, 272-276.
  3. Autism Spectrum Disorder Fact Sheet. (December 06, 2017). National Institute of Neurological Disorders and Stroke.
  4. Schreibman، L. (2012,April,25). Individualized treatments are future of autism therapies, according to psychologist. American Psychological Association. Retrieved from
  5. Wodka, E. L., Mathy, P., & Kalb, L. (2013). Predictors of phrase and fluent speech in children with autism and severe language delay. Pediatrics131(4), e1128-e1134.

Brewer, R., & Murphy, J. (2016). People with autism can read emotions, feel empathy. Scientific American12.