التعليم والتدريب عن بعد: تحديات وفرص

29 أغسطس 2020

لا يعد التعليم عن بعد مفهومًا جديدًا على الساحة التعليمية حيث أنه في السنوات الأخيرة أصبحت العديد من المعاهد والجامعات تقدم موادًا علمية على شبكة الانترنت ولاقت رواجا عاليًا بحكم انخفاض سعرها مقارنة بالحضور الفعلي لمقر الجامعة. بالإضافة الى سهولة الوصول للمعلومة في أي وقت وأي مكان (ليست محددة بجدول محدد أو إطار زمني معين) مما يعزز سهولة الانخراط بالتعليم والاستمرار فيه.

ولكن هذا غالبا ما كان محصورًا لفئة الشباب والراشدين الذين يمتلكون مهارات التعلم الاستقلالية، و القدرة على توظيف المهارات التنفيذية العليا في التعلم الذاتي، وأيضا المعرفة الكافية بكيفية استخدام التقنية في التعلم.

أما في الوقت الحالي في ظل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم فإن الكثير من المسلمات في المجالين التأهيلي والتعليمي أصبحت من المستحيلات والعديد من الأمور التي كانت تعد مستهجنة وصعبة أضحت المعتاد الجديد الذي لابد للمعلمين والأسر ومقدمي الرعاية من تقبله، التدرب عليه، ومحاولة مجابهة التحديات التي تواجههم معه والتغلب عليها.

خرافات وحقائق تتعلق بتعليم و تدريب ذوي الإعاقة عن بعد

الخرافة:

إن الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية كاضطراب طيف التوحد/فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يستفيدون من الجلسات التدريبية/التعليمية عن بعد.

الحقيقة:

الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية كاضطراب طيف التوحد/فرط الحركة وتشتت الانتباه يستفيدون من جلسات التأهيل والتدريب عن بعد ولكن لابد أن تراعى احتياجات الطفل الإدراكية ومهاراته اللغوية في طريقة تقديم الجلسة، مثل:

– أن يعرف الوالدين أبجديات الاتصال بالانترنت وكيفية التعامل مع منصة التعليم الإلكترونية أيا كانت

– أن يتم مشاركة المادة التعليمية مع الأسرة قبل البدء بـ ٤٨ ساعة ليتمكنوا من الاطلاع عليها

– أن يهيئ الوالدين الطفل للجلسات عن طريق شرح روتين الطفل الجديد واستخدام المعينات: كالجداول البصرية والمنبهات لضبط وقت بدء الحصص وجذب الانتباه

– أن يتم توفير جهاز الكتروني يدعم الاتصال المرئي وله اتصال سريع بالإنترنت ٥٠ ميجابايت /الثانية لضمان جودة الجلسة

– أن يتم إيقاف تنبيهات التطبيقات الأخرى حتى لا يتشتت الطفل بالتنبيهات أو تطبيقات الألعاب

– أن يتم اختيار مكان معين في المنزل ذو اضاءة جيدة، هادئ، وبعيد عن الأصوات والحركة ويوضع به مكان مهيئ للطفل (سواء كان على الأرض أو على كرسي ومكتب) ويفهم بأن هذه منطقة عمله وأننا نأتي هنا للعمل والتدرب وليس للعب.

– أن تتم جدولة عدة فترات استراحة أثناء التدريب: تتراوح مدة كل فترة ما بين دقيقتين – خمس دقائق يقوم بها الطفل بتنفيذ تمرين حركي لتجديد النشاط وتحفيز الانتباه، أو الرقص لأنشودة معينة وأداء بعض الحركات بالتناغم معها، الذهاب لدورة المياه، تناول وجبة خفيفة.

– أن يكون هناك مقدم رعاية متواجد مع الطفل لمساعدته في مزاولة النشاط وتنفيذ الخطوات مع المختص/ المعلم.

– توفير معززات متنوعة يحبها الطفل يكافأ بها الطفل أثناء وبعد تعلمه ليتشجع للمشاركة والاستمرار- ويفضل ألا تكون من الأطعمة التي تحتوي على المواد الصناعية و السكريات

– استخدام المفردات والمفاهيم التي يتم طرحها في الدروس والجلسات قي الأنشطة الروتينية المنزلية ليتم تكرارها بعدة سياقات متنوعة مما يسهل على الطفل حفظها، تذكرها، ومن ثم توظيفها بشكل صحيح في كلامه

الخرافة:

الطفل غير الناطق/محدود النطق لا يستفيد من الجلسات أو الدروس المقدمة عن بعد

الحقيقة:

يستفيد الطفل غير الناطق/محدود النطق من الجلسات أو الدروس المقدمة عن بعد إذا ماتمت مراعاة قدراته ومواءمتها أثناء التدريب وذلك بعدة طرق:

– تزويد الطفل بوسيلة تواصل تعويضي معزز سواء كانت منخفضة التقنية: مثل الصور والبطاقات والجداول البصرية، أو عالية التقنية: كتطبيقات التواصل المعزز الموجودة في الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية

– عندما تتم مشاركة الدروس والأهداف مع مقدمي الرعاية/الأهالي يفضل أن تتم مراجعة الكلمات والمفاهيم الموجودة قبل بدء الأسبوع الدراسي وتهيئة لوح تواصل مع مجموعة من الكلمات التي توفر للطفل فرص عدة للمشاركة في الأنشطة و تحقيق الأهداف

– يتواجد شريك التواصل مع الطفل أثناء الجلسة ليسهل عليه الاندماج في الجلسات ويساعده في حال احتاج لمساعدات أو تلميحات لاختيار الكلمة أو الجملة المناسبة للتواصل

الخرافة:

التعليم/التدريب عن بعد ليس مجدي ولا يستفيد منه الطفل ذو الإعاقة كما يستفيد من الجلسات/الدروس الحضورية في المراكز والمدارس

الحقيقة:

التعليم/التدريب عن بعد مجدي ويستفيد منه الطفل ذو الإعاقة كما يستفيد من الجلسات/الدروس الحضورية في المراكز والمدارس اذا ماتم تطبيقه بطريقة صحيحة و روعيت فيه الفروقات الفردية وتم تمكين الأهالي بالتدريب والمتابعة وذلك بتطبيق بعض الإجراءات أثناء تقديم الدروس/الجلسات:

– الجلسات/الدروس عن بعد تساهم في تطور مهارات الطفل واستمرارها عوضا عن تقهقرها ونسيانها

– لابد للاختصاصي/ المعلم أن يشرح للأهالي ماهية الدروس المقدمة وماهو مطلوب منهم قبل البدء ليساعدهم لتهيئة الطفل وإعداد المعينات البصرية/المعززات

– على الاختصاصي/ المعلم ان يكون على دراية بكيفية ادارة المنصة الإلكترونية للتحكم ببيئة الصف وضمان انتباه الطلاب

– أن يكون هناك شخص يدعم المعلم في الصف وذلك عن طريق كتم ميكروفونات الأطفال الآخرين أثناء شرح المعلم حتى لا يشتت انتباه زملائهم

– أن يتكلم المختص/المعلم بلغة سهلة وبسيطة بجمل مبنية للمعلوم ، لا يتجاوز طولها ٤-٥ كلمات، يكون هناك ١٠ ثواني صمت بين كل جملة والاخرى لضمان الانتباه وعدم تداخل الصوت في الاتصال المرئي، تكرار المفاهيم والجمل عدة مرات أثناء الدرس ليسهل على الطفل حفظها وتذكرها، أن يراعي المختص/المعلم لغة التوجيه والشرح التي يستخدمها؛ان يوجه الاسئلة او الاستفسارات للاطفال بالاسم ولا يوجه السؤال عام للجميع حتى لا يتكلمون في وقت واحد وتتداخل المشاركات ويصعب فهم الكلام. يعني لا يقول المعلم: شاركوني من منكم فرش اسنانه بالأمس؟ بل ان يخصص السؤال: هل فرشت اسنانك بالامس يامحمد؟ ثم اذا جاوب سأل الطالب الذي يليه وهكذا

– يسمح لمقدم الرعاية/الوالدين بأن يساعد الطفل في الإجابة وتشجيعه ليتفاعل مع الزملاء وذلك لتعزيز مشاركة الطفل ورفع الاحساس بالمشاركة

– يتم توجيه مقدم الرعاية/الوالدين إلى كيفية إغلاق الكاميرا عن الأطفال الآخرين والتركيز على المعلم/ المختص إذا كان الطفل يتشتت بالنظر اليهم عمل يقول المعلم

– يفضل ان تكون هناك مجموعات نشطة للتواصل على تطبيق: واتس اب أو تيليقرام تجمع الأهالي مع المعلم لتبادل نصائح وخبرات حول كيفية الاستعداد للدروس وتطبيق المهارات والواجبات ليدعم الأسر بعضهم البعض ويشاركون نجاحاتهم و إحباطاتهم ويساعدوا المعلمين/المختصين في فهم الفجوات بين المتوقع والحاصل لتتكامل الجهود

– لابد من تقييم العملية التعليمية/التدريبية في نهاية كل أسبوع من قبل المختص/المعلم ومقدم الرعاية للوقوف على نقاط القوة والضعف وبحث امكانية اجراء بعض التعديلات او الاضافات للبرنامج التدريبي لتحقيق الاستفادة القصوى

كلمة موجهة للأهالي والمختصين/ والمعلمين من اختصاصي مر بنفس التجربة (عضو مؤسس ومشرف في مخيم نموكم/يوليو-٢٠٢٠)

– التدريب عن بعد له تحديات كثيرة ولكنها جميلة ومثرية لمقدمي الخدمات واهالي الاطفال اذ تعلم الابتكار والمرونة الفكرية والتفكير الإبداعي في حل المشاكل

– التدريب عن بعد ممتع لأنه يساعد مقدم الرعاية والأطفال على استكشاف وسائل خلاقة للتعلم والتمرين

– التدريب عن بعد ساعد على رفع ثقة الكثير من الأهالي بأنفسهم وبجودة تدريبهم في المنزل لأنهم أصبحوا يحضرون الجلسات ويشاهدون آلية التدريب ويطبقونها في المنزل

– التدريب عن بعد ساهم في تطوير مهارات بعض الأطفال ضعيفي التواصل على اكتساب بعض المهارات بشكل أسرع من العادة وذلك لمشاهدتهم بث مرئي للأقران وهم يؤدون هذه المهارات(فكانت هناك نمذجة غير مباشرة)

– التدريب عن بعد قرب الأهالي من بيئة الصفوف والمراكز وجعل الوصول للمعلم/المدرب واستشارته أسرع من ذي قبل

– الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية المختلفة يتعلمون بشكل أفضل وأسرع إذا ما تم تعليمهم في البيئة المنزلية لأنها بيئتهم الطبيعية التي يعيشون فيها

– التعلم عن بعد قرب ما بين اهالي الاطفال وعزز من وجود مجموعات دعم تساعد وتساند بعضها بما تحمله من تبادل خبرات ومصادر

– التعلم عن بعد ساهم بتقريب الوالدين من أطفالهم وذلك بسبب تنفيذهم للأنشطة سوية ولعبهم واستمتاعهم بتحقيق الأهداف معا

– التعلم عن بعد ساهم في تشجيع الأشقاء في بعض الأسر للمساهمة في دعم اخوتهم ذوي الإعاقة ومساعدتهم في تنفيذ الانشطة وتطبيق التمارين

– التعلم عن بعد عزز في بعض الأطفال شعورهم بالمسؤولية وأثّر على تصرفاتهم في الصفوف وانضباطهم مع الأنشطة

– بعض الأطفال استجابوا للتدريب/ التعليم عن بعد بشكل سريع والبعض استجاب بشكل أبطأ وهذا طبيعي بحكم اختلاف الاضطرابات، شدتها، والفروقات الفردية بين الأطفال لذلك من المهم ان لا يمضي الاهالي وقتهم في المقارنة بين مستوى الطفل وأقرانه كي لا يصابوا بالإحباط واليأس. بل على العكس؛ المفترض أن نقارن مستوى الطفل الحالي بمستواه عندما بدأ لنلاحظ التقدم في المهارات ونعرف ما هي الخطوة المناسبة وكيف نستطيع دعمه ليحقق نجاح اكبر

– قد تمر على الأطفال أيام يكون مزاجهم فيها متعكر أو يكونون غاضبين أو حزينين دون سبب معروف؛ هذا متوقع لتغير الروتين وصعوبات الضبط الذاتي لدى الأطفال وخصوصًا ذوي الإعاقة منهم. لذلك ننصح مقدم الرعاية/احد الوالدين بحضور الدرس أو التدريب إن أمكن ليعرف ماهو المطلوب، أو يبحث عن وقت بديل لإعادة الدرس إن أمكن، وقد يكون هناك تسجيل للشروحات بالإمكان الرجوع إليه.

– في حال مرور زمن ولم يلاحظ تقدم الطفل في أي من الأهداف ولو كان بسيطًا، مثل: “أن تزيد فترة انتباهه في نشاط الرسم من ٥-١٠ ثوان خلال ٣ جلسات متتالية” فلا بد من التساؤل لماذا، ويعاد تقييم الهدف والأسلوب التأهيلي/التعليمي المتبع وبيئة تعلم الطفل

عام دراسي سعيد ومميز عليكم وعلى من تحبون، كتب الله لنا ولكم التوفيق والسداد وزادنا في العلم بسطة.

المراجع:

– خبرة شخصية كاختصاصي نطق ولغة وشريك مؤسس ومشرف في مخيم نموcom – المخيم الافتراضي الصيفي الأول للأطفال ذوي الإعاقة في الشرق الاوسط

.https://childrensupportsolutions.com/services/onli…

.https://parents-together.org/the-benefits-of-tele-…

American Speech and Hearing Association (ASHA)