يبحث معلمو التربية الخاصة عن الطرق المثلى للتعامل مع تحدياتٍ تعليمية استثنائية بسبب أزمة جائحة كورونا والانتقال لصفوف التعليم الافتراضي (التعليم عن بُعد).
قبل الخوض في تفاصيل هذا المقال، دعونا نوضح “ما المقصود بالتربية الخاصة؟”. تشمل التربية الخاصة تقديم خدمات متنوعة لمجموعة واسعة من الطلاب ذوي الإعاقة يختلفون من حيث الأعمار والاهتمامات والقدرات وشدة الإعاقة و نوعها، حيث تبدأ تلك الخدمات بالتقييم الفردي لكل طالب أو ما يعرف تحديد مستوى الأداء، ومن ثم تصميم و تنفيذ البرنامج التربوي الفردي وفقاً لاحتياجاته الخاصة. و يحتاج الطلاب من ذوي الإعاقة أسلوب خاص في التعليم، إذ تختلف أساليب الطلاب بالتواصل والتركيز، يتواصل بعضهم بأسلوب غير لفظي ويعاني بعضهم من تشتت الانتباه، ويحتاجون لتوجيه مستمر ولا يمكنهم إنهاء المهام وحدهم، ومن المتوقع أن يتأثر مستواهم سلبًا بالنقلة الحالية المفاجئة للتعليم الالكتروني، لكن يجب على المعلمون الاجتهاد قدر الإمكان والتعامل مع الظروف الحالية ومحاولة نقل خدمات التربية الخاصة للطلاب في منازلهم ومساعدة الأهالي على استيعاب دورهم في المساعدة. نسرد في هذا المقال بعض الحلول المقترحة لمساعدة معلمين التربية الخاصة من الاستمرار في تعليم طلابهم عن بعد خلال فترة جائحة كورونا.
تهيئة بيئة تعليم منزلية
ينصح معلمي التربية الخاصة بتهيئة بيئة تعليمية منزلية مناسبة، وخططًا وأهدافا للتلاميذ وأهاليهم قبل البدء بالدروس والأنشطة. وذلك من خلال عدة نقاط:
1. تفقد ظروف الأهالي: يسهم التواصل الفعال بين المعلمين والأهالي بفهم الأوضاع المنزلية لكل طالب على حدة، مثلاً هل يجلس الوالدين في المنزل طيلة الوقت؟ ماهي الأجهزة الإلكترونية المتوفرة للطالب وهل هناك اتصال بالانترنت؟ وهل يوجد مساحة مناسبة للأنشطة الحركية والحسية؟ معلومات كهذه تساعد المعلمين على بناء خطة تربوية فردية لكل طالب حسب ظروف بيئته المنزلية. على المعلم دعم الوالدين لفهم خطط وأهداف المدرسة الفردية المحددة لطفلهم، فتدريب الأهالي جزء من عمل معلم التربية الخاصة خصوصًا خلال هذه الفترة.
2. تصميم الخطط التربوية: على المعلمين تقييم وفهم أوضاع الطلبة الأسرية وبيئاتهم المنزلية، ثم تحديد الأهداف الممكن العمل عليها في المنزل، وتقسيم هذه الأهداف لجداول متسلسلة ويسهل تنفيذها بالتعاون مع الأهالي.
3. المرونة والمبادرة: يحتاج الأهالي للإرشاد والدعم المستمر هذه الفترة. مهم أن يتفقد المعلمون أوضاع الأسرة من فترة لأخرى و ينصح بعض المعلمين بإنشاء مجموعات دعم تجمع أهالي ذوي الإعاقة لتبادل الأفكار والتجارب الناجحة -وغير الناجحة- للتعليم في بيئة المنزل. أيضا، مرونة المعلمين في ساعات عملهم مهمة جداً هذه الفترة. عليهم أن يكونوا متاحين لأوقات تواصل مختلفة لتتناسب مع أوضاع الأهالي وظروفهم المتفاوتة، فقد يذهب بعض الأهالي للعمل أثناء ساعات الدراسة الصباحية، لذلك يصعب على أطفالهم استخدام الأجهزة أو إنهاء مهامهم دون مساعدة.
تحقيق الأهداف التعليمية للطلاب
إن تغيير الجدول المألوف للتعليم مزعجٌ لذوي الإعاقة لذلك لابد من أن يعمل الأهالي والمعلمين يدًا بيد لتصميم بيئة تعليمية منزلية وأنشطة تشابه لحد كبير يومًا اعتياديًا في المدرسة، هذه بعض النصائح من المعلمين لكيفية تحقيق ذلك:
أهمية التنظيم: إن أنجح البيئات لتعليم الأفراد ذوي الإعاقة هي البيئة المنظمة والمجدولة جيداً لخدمة أهداف تعليمهم، إذ يحتاج الطلاب معلماً مختصاً متواجداً معهم طيلة الوقت، ولايمكن أن توفر بيئة التعليم المنزلية ذات الأداء المنظم حتى وإن كانت بنفس الخطة التربوية. لذلك ينصح معلمي التربية الخاصة بالآتي:
- تدوين جدول يومي للأنشطة يشابه جدول الطالب في مدرسته، مقسم لمهام صغيرة ومليء بالاستراحات قدر الإمكان.
- مهم أن يكون الجدول مليء بالصور التوضيحية للأنشطة، لمساعدتهم على استيعاب الأنشطة.
- استخدام المؤقت لبدء وإنهاء كل نشاط، ليؤدي دور جرس المدرسة.
- تغيير غرف أو زوايا أداء الأنشطة داخل المنزل، حيث أن الطلبة معتادين على تغيير المكان حسب نوعية الأنشطة في بناء المدرسة.
التواصل الفعال مع الأهالي: تسجيل الدروس إلكترونيًا للأسر خطوة ممتازة لتوجيههم في كيفية إعداد أنشطة أطفالهم، والتواصل معهم للتفكير المشترك في كيفية الاستفادة من البيئة المنزلية لخدمة تعليم الطالب، مثل استخدام رقائق الذرة أو القروش المعدنية كأدوات حسية لأنشطة الحساب.
تلبية الاحتياجات الحركية والحسية: لابد من تلبية احتياجات الطلاب الحسية والحركية، لذلك إن كان الطلاب بحاجة لتفريغ طاقاتهم يمكن أن يستخدم الأهالي أشياء بسيطة كالصلصال الملون والأغلفة الفقاعية، أو الألعاب الذهنية مثل التركيبات الخشبية. وقد يساعد استخدام رغوة الحلاقة للرسم والكتابة على تحجيم القلق وتطوير تعلم الطالب اللغوي، أيضا تساعده الأحضان، وتمارين التنفس، والسماح له بالركض بالفناء.
أخيراً: يجب أن نتذكر أنه من غير الممكن لبيئة التعليم المنزلية أن تشابه بيئة المدرسة، ولن يتمكن كثير من الأهالي تهيئة بيئة مطابقة لبيئة المدرسة، نظرًا لمعطيات البيئة المدرسية ومصادرها، لذلك ينبغي طمأنة الأهالي عن واقعية الوضع وعدم الضغط عليهم.
نؤمن كأخصائيين بإمكانية تحقيق تعليم ممتاز في بيئة منزلية، لكن التربية الخاصة شبكة معقدة من الأساليب والأنشطة التي تعتمد على احتياجات الطالب، ومتوقع أن تعرقل الأوضاع الحالية تعليم ذوي الاحتياجات لكن لا خيار لنا سوى المحاولة.
المصدر
Fleming Nora and Minero Emelina, 2020. New Strategies in Special Education as Kids Learn From Home, Edutopia.