كيف لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي من استهداف جوانب اللغة و التواصل في البرنامج العلاجي ؟ نظرية السلوك اللفظي

01 نوفمبر 2021

قد يرد على بال الكثير أن خدمات تحليل السلوك التطبيقي تركز فقط على خفض السلوكيات غير المرغوب فيها فقط و هذا الأمر غير صحيح. فتحليل السلوك التطبيقي يتمثل في إكساب مهارات جديدة بالإضافة إلى خفض سلوكيات غير مرغوب فيها.

أيضا قد يتبادر إلى ذهن القارئ بأن السلوك اللفظي (في سياق خدمات تحليل السلوك التطبيقي) هو ما قد يصدر من الطفل من ألفاظ غير مقبولة وذلك لارتباط كلمة سلوك في ذهن البعض بالسلوكيات غير المقبولة ولكن هناك تفسير آخر. لأن السلوك اللفظي هو وسيلة لفهم اللغة باعتبارها سلوكا مثل أي سلوك آخر يصدر من الشخص ويتم بمساعدة شخص آخر.

فاللغة ليست مجموعة من الألفاظ والعبارات، اللغة مكون أساسي للحياة الاجتماعية، فهي وسيلة للتعبير عن الذات وعن الحاجات والرغبات ..

هناك العديد من النظريات التي حاولت أن تفسر الميكانيكية التي من خلالها يمكن اكتساب اللغة و من هذه النظريات، نظرية السلوك اللفظي التي طرحها العالم النفسي سكنر.

وترتكز فكرة السلوك اللفظي على أن:

اللغة لها وظيفة ذات معنى، فنحن بتعليمنا نحاول بشتى الطرق أن ننشئ طفلا قادرا على التواصل لفظًا ومعنى وليس طفلًا يردد الكلمات دون إدراك! فمثلًا عند قول الطفل: ماء، عند رؤيته صورة ماء .. وعندما يشعر بالعطش فهو لايستخدم ذات الكلمة لعدم إداركه وظيفة الطلب حتى الآن

لذا قسّم العالم سكنر وظائف اللغة حسب الهدف إلى عدة وظائف، منها: الطلب، التسمية، اللغة التفاعلية، المصاداة.

الطلب (Mand): رغبة داخلية للحصول على شيء ما بالتعبير عنه، مثال: شعور الطفل بالعطش فيقول الطفل:أريد ماء أو قول الطفل: أين الماء؟

التسمية (Tact): تسمية الطفل للعناصر/ للأسماء/ للأفعال، تعرض على الطفل صورة (ماء) فيقول: ماء

اتباع التعليمات و التمييز الاستقبالي(Listener Responding): تنفيذ الأوامر وتحديد أو الإشارة إلى عناصر مختلفة من البيئة.

اللغة التفاعلية أو الحوار و المحادثة (Intraverbal): أن يجيب الطفل على السؤال الذي وجّه له، مثل: ماذا أكلت في الصباح؟ يجيب الطفل: أكلت فطيرة، من اصطحبك إلى المدرسة؟ يجيب الطفل: بابا.

المصاداة (Echo): تكرار الكلام أو الأصوات كنوع من التواصل اللفظي، يسمع الطفل المدرب يقول: اجلس، فيكرر الطفل ذات الكلمة: اجلس.

وهناك مثيرات قبلية تتحكم في السلوك اللفظي فمثلا الطلب يسبقه دوافع متحكمة في هذا السلوك مثل الرغبة في شرب الماء تدفع بالطفل إلى طلبه. أما في التسمية فالمثير القبلي لا يكون لفظيا فقد يقول الطفل “عصفور” لمجرد رؤيته يطير امامه. المثير القبلي في اللغة التفاعلية يكون لفظيا وذلك لأن الطفل إما أن يجيب على السؤال أو يكمل حوارا لذلك يحتاج إلى مثير قبلي لفظي يؤدي إلى الاستجابة اللفظية. أما المصاداة أو التكرار تحتاج إلى مثير قبلي لفظي لأن الطفل يستمع الى كلمة ويكررها.

و من أهم المهارات التي يركز عليها فني تحليل السلوك التطبيقي هو تدريس مهارات الطلب. فالطلب هو مفتاح الانطلاق لبقية الأهداف حيث يتيح للطفل الحصول على مبتغاه عندما يريد و يسمح للطفل بترك شيء لايريده و يساعد الطفل على ضبط بيئته الاجتماعية بمعنى أن الطفل سيضطر إلى التعامل مع المحيطين حتى يصل إلى مايريد.

التدريب على الطلب يساعد من التخفيف من السلوكيات غير المقبولة مثل الصراخ/إيذاء الذات. تركّز بعض المؤسسات التعليمية على تنمية مهارات مهمة للطفل مع إهمال جانب السلوك اللفظي الذي لا يقل أهمية عن بقية المهارات، ولمّا رأيت هذا الأمر منتشرا أردت توضيح أهميته، وأرى أن – السلوك اللفظي – جدير بالاهتمام لما أظهره من نتائج فعّالة وأثر ملموس على الحياة الاجتماعية للطفل.

بقلم سارة باوزير – تربية خاصة – جامعة الملك سعود

مراجعة د. فيصل النمري و أ. نور الهدى موسى