قد يقع بعض الممارسين في مجال الرعاية و التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة (كأخصائيي التربية الخاصة، أخصائيي تحليل السلوك التطبيقي، أخصائيي العلاج الطبيعي ، أخصائيي العلاج الوظيفي، أخصائيي العلاج النفسي) في الحرج أو الحيرة من أمرهم عند التفكير في أسباب عدم إنجاز (تحقق) بعض الأهداف التعليمية و التأهيلية المراد إكسابها مع الطلاب من ذوي الإعاقة الذين يعملون معهم.
هنا نلخص بعض هذه الأسباب والتي قد نقع في واحدة منها أو بعضها أو كلها دون أن نشعر .
السبب الأول: الصياغة غير الذكية للأهداف التعليمية و التأهيلية. نقصد هنا صياغة الأهداف بطريقة ذكية (SMART) أي (محددة و قابلة للقياس، وواقعية، ملائمة لاحتياجات الفرد و قدراته ، محددة بزمن لتحقيقها). إن صياغة الهدف بطريقة غير ذكية قد يسبب عنه عدم القدرة على اختيار طرق التدريس المناسبة. و بهذا يتأثر مستوى التقدم سلبًا لدى الطالب. دائمًا اسأل نفسك .. هل الهدف التعليمي الذي تم وضعه للطالب هو هدفا ذكي (SMART)؟
محدد(specific) : يكون الهدف محددًا عندما تمتلك التصور الواضح للهدف من جميع جوانبه و يعرف بوضوح. فالهدف المحدد لديه فرص أكبر في التحقيق من الهدف العام .. وقد يساعد في ذلك استخدام الأسئلة التالية:ما هو الشيء الذي ترغب بتحقيقه؟ كيف ستتمكن من تحقيقه؟
من سيساعدك على تحقيقه؟
أين ستعمل على تحقيق الهدف؟
قابل للقياس(measurable) : يقصد قياس الهدف ذاته، أو قياس درجة الإنجاز بشكل كمّي . ضع خصائص ثابتة لقياس التقدم تجاه تحقيق كل هدف تضعه . وعندما تقيس تقدم الهدف تكون على الطريق ، وتصل إلى تحقيق الهدف في التاريخ المحدد.
قابل للتحقيق(achievable) : يكون الهدف قابلاً للتحقيق عندما يكون واقعيا مناسب لقدرات الطالب.
واقعي متعلق بنوع الخدمة واحتياج الطالب(Realistic) : وذلك بأن يكون الهدف واقعيًا وملموساً يمس حاجة الطالب إليه ويشكل غاية تجاه القدرة والرغبة في العمل عليه. أحد الأمور التي تساعدنا في اختيار الأهداف الملائمة للطالب هو نوع الخدمة. على سبيل المثال: إذا كانت الخدمة المقدمة هي جلسات تحليل السلوك التطبيقي لطفل عمره ٣ سنوات و نصف من ذوي اضطراب طيف التوحد لا يملك سوى عدد من الكلمات، فالأحرى أنه يكون بعض الأهداف تحاول إكساب هذا الطفل اللغة و مهارات التواصل الأولية (مثل مهارة طلب الأشياء المحببة). أو اذا كانت الخدمة المقدمة هي جلسات التخاطب لطفلة عمرها ٧ سنوات و تملك حصيلة لغوية جيدة و مستوى الذكاء الطبيعي، و لكن لديها مشكلات في بناء العلاقات و المحادثة مع الأقران ، فمن الأحرى أن تركز هذه الجلسات على أهداف تساعد الطفلة في إكساب مهارات بداية و إبقاء و إنهاء محادثة بسيطة ، الإجابة على الأسئلة أو المبادرة في الأسئلة ، الخ.اسأل نفسك .. لماذا ترغب بتحقيقه؟ ما الذي سيستفيد منه هذا الطالب عند تحقيق الهدف ؟ أو ما الذي سيكتسبه الطالب ليرفع من جودة حياته و يسهم في استقلاليته؟ هل الهدف ملائم لقدراته العقلية أو مهاراته التكيفية؟
ضمن إطار زمني ليتم تحقيقه(Time-bound) : يقصد بالإطار الزمني أن تضع لنفسك وقتًا تبدأ فيه العمل على الهدف، ووقتًا محتملًا لتحقيقه . هذه النقطة مهمة، تلزمك بمعرفة الوقت لإنهاء العمل على الهدف. التخمين المدروس هي ممارسة قد نقوم بها كمقدمي خدمات الرعاية و التعليم لذوي الإعاقة
أمثلة على كتابة هدف بصياغة ذكية:
أن يسمي الطالب الأعداد من ١-١٠ لفظياً عندما يطلب منه ذلك بمفرده بنسبة إتقان 100% خلال ٣ جلسات متتالية (بنهاية شهر أبريل ٢٠١٩)
هدف غير ذكي
أن يتعرف الطالب على الأعداد ١-١٠ بدون مساعدة بنسبة إتقان 100%
السبب الثاني : أهداف أعلى من مستوى الطالب. ملائمة الأهداف الذكية لمستوى الطالب هو من أهم عوامل تحقق هذه الأهداف. يمكن لك أن تعرف ما إذا كانت الأهداف ملائمة إذا تم صياغتها بناء على نتائج التقييمات و الاختبارات الأولية لمستوى الطالب التي يتم فيها جمع البيانات عن طريق وسائل و أساليب مختلفة كالملاحظة و نماذج التقدير و سؤال الوالدين و معرفة التاريخ الطبي أو التاريخ التأهيلي.
السبب الثالث : عدم كثافة البرنامج العلاجي . هذا السبب الذي قد ينتج عنه عدم تحقق الأهداف التعليمية الذكية للخدمات التعليمية و التأهيلية التي من سمات تطبيقها أن تكون مكثفة (كخدمات تحليل السلوك التطبيقي). فمثلا أن تقدم على شكل ساعة أو ساعتين أسبوعياً لطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد الذين بحاجة لبرنامج سلوكي مكثف (٢٥ ساعة-٤٠ ساعة أسبوعيا) و مبكر. قد نعزو عدم تحقق الأهداف لهذا السبب (عدم كثافة البرنامج العلاجي) في ظل شح المختصين والمؤهلين أكاديمياً و إكلينيكياً.
السبب الرابع : عدم خلق فرص تعليمية كافية. أحياناً قد نقدم خدمات بكثافة عالية و بساعات كثيرة و لمدة أشهر أو سنوات دون تحقق عدداً من الأهداف المرجو تحقيقها كما تم النص عليه في الأبحاث و الدراسات الرصينة و بناء على آراء الخبراء و لكن قد نغفل عن عدد الفرصة التعليمية التي تم خلقها لهذا الطالب. فرص التعلم أحد أهم المؤشرات المرتبطة ارتباطاً طردياً مباشراً بتطور الفرد وقدراته. فخلق الفرص التعليمية المتكررة و المتتابعة و المناسبة للسياق التعليمي سيسرع بالتأكيد في إنجاز الأهداف التعليمية و التأهيلية لذوي الإعاقة، و العكس صحيح.
السبب الخامس: طرق التدريس. إجراءات التدريس المستخدمة لتدريس الطالب تلعب دوراًامحورياً في تحقيق الأهداف و المهارات المراد إكسابها. فاستخدام إجراء و ممارسات التدريس المبنية على البراهين هو المحرك و المولد للطاقة التي تساعدك في تحقيق الأهداف السلوكية.
أحد طرق التدريس التي قد لايتم العمل بها هي: مهارة التعميم فمثلاً أن يقوم معلم واحد بتدريس طالب على مهارة معينة باستخدام نفس وسائل و أدوات التعليم. كأن يقوم المعلم بتدريس طفل من ذوي عرض داون بأن يصنف الحيوانات بناء على أماكن عيشها (برية ، مائية ، برمائية) و لكن يستخدم نفس الصور الفوتوغرافية للحيوانات العشرة دون تغيير أدوات التدريس (كاستخدام حزمة أخرى من الصور الفوتوغرافية، الصور الرمزية، المجسمات، الخ). قس على هذا الكثير . فالتعميم أساس في العملية التعليمية و يجب أن يخطط له بشكل صريح اذا كان الطالب يواجه صعوبة تعلم المهارات و تعميمها. هناك سبب آخر يتعلق بطرق التدريس و هو عدم إخفاء التلقين. أعني هنا أن يقوم الأخصائي بتقديم المساعدة الغير ضرورية للطالب ، فلا يصل الطالب إلى تعلم المهارة باستقلالية. هذا فقط مثال لحالة واحدة ولكن سأقوم بسرد بعض استراتيجيات التلقين في مقال آخر.
السبب السادس: التطوير المهني . ضعف مهارات الأخصائي وعدم تطوير أساليب العمل بشكل مستمر قد يكون أحد أسباب عدم تحقق الأهداف. لذا على الممارس تطوير مهاراته بشكل مستمر ليتمكن من معرفة أفضل و أحدث الممارسات التي تمكنه من مساعدة طلابه في تحقيق أهدافهم التعليمية و التأهيلية.
هنا لخصنا مجموعة من الأسباب التي قد تحول من تحقّق الأهداف التعليمية و التأهيلية لذوي الإعاقة. نسعد بمشاركتكم لنا آراءكم لإثراء المحتوى العربي.
اقرأ أكثر حول كيفية صياغة الهدف السلوكي؟