نحن على مشارف بداية عام دراسي جديد .. و قد يتبادر إلي أذهان الممارسين في مجال الرعاية و التعليم لذوي الإعاقة الأسئلة التالية:
-على ماذا تشتمل خطوة قياس مستوى الأداء الحالي للطفل التي تنعكس على الخطة التعليمية الفردية؟
– ما هي مصادر الحصول على معلومات عن مستوى الأداء الحالي للطفل؟
-هل للأسرة دور في هذه الخطوة؟
– هل يمكن مراجعة الخطة التربوية الفردية للعام الماضي للتنبؤ عن مستوى الطفل في الوقت الحالي؟
– هل مستوى الأداء الحالي ثابت أم متغير ؟
– هل هناك تشابه في نقاط القوة و نقاط الضعف لطالبين يحملان نفس التشخيص؟
– هل يختلف نوع و صيغة مستوى الأداء الحالي بحسب نوع الخدمة المقدمة ؟
منذ أن كنّا طلابًا في الجامعة لمرحلة البكالوريوس و نحن نسمع بمصطلح مستوى الأداء الحالي للطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة.وما زال حتى هذا اليوم و نحن نسمع بهذا المصطلح. نحن متأكدون من أنك تسمع هذا المصطلح الفضفاض بشكل متكرر عند بداية كل فصل دراسي. أيضًا خلال زياراتنا لتقديم الاستشارات لبعض المؤسسات التعليمية في الخليج العربي. أو في بعض المراجع الركيكة على الإنترنت أو بعض المتحدثين في مجال تصميم البرامج التعليمية والعلاجية لذوي الاحتياجات الخاص و كأنه يعكس شيئًا واحدًا (one size fits all) ، و على العكس من ذلك.
تكمن أهمية هذا المصطلح في أنه يمثل الخطوة الأساسية التي تتم قبل تصميم أي خطة تربوية/تعليمية/تأهيلية فردية و تحدد الأهداف الجوانب المراد العمل عليها. قال أحدهم لنا ذات مرة ” مستوى الأداء الحالي هو المفتاح .. إن صلحت صلح العمل كله و إن لم تعمل بالشكل الصحيح كا ما يليها من خطوات قد لا يكون له أي قيمة اعتبارية له”.
مستوى الأداء الحالي هو نتيجة الاختبارات و المقاييس التي تم تنفيذها للحصول على معلومات عن مستوى الطفل قبل بناء الخطة العلاجية. قد يختلف نوع الاختبارات و المقاييس المستخدمة للخروج بمعلومات تصب في جزء مستوى الأداء الحالي الذي تنبثق منه الأهداف السلوكية والتعليمية المندرجة في الخطة التعليمية الفردية. بعض هذه المقاييس غير رسمي و غير مقنن على بيئتنا العربية . أو بعضا منها يكون لا يغطي جوانب النمو المختلفة. أو يكون مناسبًا لنوع واحد من الخدمات، خدمات التربية الخاصة، وخدمات التخاطب، أو خدمات تحليل السلوك التطبيقي، أو خدمات العلاج الوظيفي.
بعض هذه المقاييس يتم تطبيقه بقياس مستوى الطفل من خلال بنود و فقرات محددة (قوائم التقدير)، أو عن طريق سؤال الأسرة من خلال المقابلة و أن عن طريق الملاحظة المباشرة للطفل، أو عن طريق عرض أنشطة/أسئلة محددة. كل نوع من هذه الطرق له إيجابياته و سلبياته. و لكن المهم أن كل نوع يحتاج التدريب و قد يختلف مدة التدريب و درجة الإتقان من طريقة إلى أخرى.
كما أن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار مستوى الطفل و بعض الظروف البيئية و الاجتماعية و الخصائص النمائية والسلوكية لبعض الأطفال التي قد لا تسمح بتطبيق مثل هذه الاختبارات. مثلاً أن تطلب من أسرة أن تعبئ نموذجاً الكترونيا و هي لا تعرف استخدام الكومبيوتر. أو أن تحاول تطبيق اختبار يتطلب عرض أنشطة محددة على طفل لا يرغب في الجلوس على طاولة الاختبار.
بعض المقاييس التي تستخدم هي المقاييس محكية المرجع و هي التي تقيس مستوى مهارات الطفل في جانب معين. أقرب مثال الاختبارات محكية المرجع هي الاختبارات التي تتم نهاية الفصل الدراسي و يتم فيها تقييم مستوى الطالب أما أن حصل على درجة عالية أو منخفضة دون ارتباطها بمستوى الطلاب الآخرين. هناك بعض الأدوات المشهورة في هذه المجال و تستخدم بدرجة أكثر لأن الأهداف و العبارات قد تكون أكثر وضوحا.
في أحيانا أخرى يتم استخدام المقاييس معيارية المرجع المقننة والتي تقيس مستوى الطفل في جوانب النمو المختلفة (مهارات التواصل، المهارات الإدراكية، والمهارات الاجتماعية، المشكلات السلوكي، الأمن والسلامة، المهارات الأكاديمية، الخ) و تحدد مستواه مقارنة بمن هم في نفس الفئة العمرية من أقرانه و تحديد ما إذا كان مستوى مهاراته (العمر العقلي) أقل ممن هم من العمر الزمني، في نفس المستوى أو أعلى من ذلك. بالرغم من أهمية تطبيق هذا النوع من المقاييس، إلا أنه يندر استخدامها حيث تكمن أهميتها في تحديد مستوى المهارات و ربط بالعمر الزمني والعقلي للطفل. لكن يعيبها عدم حساسيتها للتغيرات الطفيفة في مستوى الطفل و خصوصًا لمن تكون لديهم درجة الإعاقة شديدة.
تطبيق مثل هذه المقاييس يساعد في تحديد نقاط القوة و نقاط الضعف عند الطالب بدرجة عالية الدقة أفضل من عملية التخمين التي قد لا تكون دقيقة و قاصرة عن تحديد ما يمكن أن يعمل عليه خلال العام الدراسي مع الطفل.
نأتي إلى دور الأسرة. مما لا شك فيه فإن الأسرة مصدر مهم و أساسي للحصول على معلومات عن مستوى الطفل فهي المعرف الأول لقدرات طفلهم. ففي معظم الأحيان يقضي الطفل معظم وقته مع أسرته و تستطيع الأسرة تحديد قدرات طفلهم و بعض مظاهر القوة الضغف بالغة الوضوح. فمثلاً قد تستطيع أن تسأل الأسرة ما إذا كان الطفل ناطقاً . إذا كان كذلك وبعدها تستطيع قياس مستوى التواصل و المهارات التعبيرية (طبعاً إذا كنت أخصائي تخاطب متمرسًا في تطبيق المقاييس و الاختبارات التي تقيس هذا النوع من المهارات).
نأتي إلى مراجعة الخطة التعليمية للعام الماضي و المستندات السابقة.. نعم هنالك معلومات مهمة يجب الرجوع لها لمعرفة أين كان هذا الطفل. قد يكون الطفل قد نسى أو قل مستواه مقارنة بنهاية العام الفائت و قد يكون كل ما عليك هو إعادة تذكير الطفل و خلف فرص تعليمية بسيطة لإبقاء المهارات التي اكتسبها من قبل بدلاً من أن يتم وضع هدف و تسخير فترة ليست بالقصيرة لإنجازه.
بالنسبة لثبات نقاط القوة و نقاط الضعف في مستوى الأداء الحالي.. فهذا يختلف من طفل إلى آخر و قد يختلف من خدمة إلى آخرى، أو من مهارة إلى آخرى. فقد يكون مستوى الأداء الحالي لبعض الأطفال ذوي الأداء المرتفع و القدرات الإدراكية العالية الذين يتلقون خدمات رعاية و تعليم مكثفة من قبل فريق متمرس في تدريس مهارات سهلة و مجردة . هنا يكون مستوى الأداء سريع التغير و التطور . في الجانب الأخر، بعض الأطفال الذين هم من ذوي الأداء المنخفض و القدرات الإدراكية البسيطة الذين يتلقون خدمات رعاية و تعليم على شكل ساعات من قبل فريق غير متمرس أو مبتدئ و تدريس مهارات معقدة ومتقدمة. هنا يكون التغير في مستوى الأداء و نقاط القوة و الضعف طفيفاً و بطيء التطور.
بالنسبة لتشابه نقاط القوة و نقاط الضعف لطفلين يحملان نفس التشخيص فهذا من وجهة نظرنا نادر الحدوث لأن هناك عوامل كثيرة تؤثر على مستوى أدائها في فترة زمنية معينة. قد يكون أحدهما قد تلقى خدمات رعاية و تعليمة مكثفة في السابق (٣٠ ساعة أسبوعياً لمدة سنتين) بينما الأخر لم يتلقى أي نوع من الخدمات أو تلقي خدمات أقل كثافة.
بالمختصر ..لا يمكن الجزم بأن الصفة التشخيصية تنعكس بنفس الشكل على مستوى الأداء الحالي.
قد قد تختلف صيغة مستوى الأداء الحالي للطفل أو مكونات هذ القسم من خدمة إلى أخرى. لكن بوجه عام، المكونات الأساسية و التسلسل في طريقة الحصول على المعلومات قد لا تختلف كثيراً بغض النظر عن نوع الخدمة المقدمة. فغالبا هناك تقييم أولي لمستوى الطفل عن بداية الخدمة و يتم قياس الأداء بشكل دوري حتى انتهاء الخدمة. قد يكون تقرير مستوى التقدم الدوري (كل ٣ أشهر أو كل ٦ أشهر للخدمات المقدمة بشكل مكثف)
هنا حاولنا أن نعرج على مصطلح يكون الأكثر شيوعاً عن بداية العام الدراسي و لكن قد نراه فضفاض لا قيمة له إذا لم يتم الأخذ بالقواعد الأساسية لتطبيق جميع ما يقتضيه استخدام هذا المصطلح للوصول إلى خطة تعليمية ،
تأهيلية، علاجية، مناسبة لمستوى الطفل بأهداف ذكية قابلة للقياس والتحقق .. يمكنك أيضًا قراء مقالنا حول أسباب عدم تحقق الأهداف التعليمية و التأهيلية لذوي الإعاقة هنا
إعداد – فريق ينمو