يتساءل بعض الأهالي عن احتياج طفلهم من عدمه لزيارة اختصاصي النطق واللغة المرخص، فمن ناحية لا يمكن للوالدين التعرف على “ما يعتبر إشكالية، اضطراب، تأخر” ومن ناحية أخرى؛ قد يصعب عليهم التعرف على الخدمات التأهيلية التي يقدمها الاختصاصي المرخص. من أبرز الأسئلة التي تتردد على مسامعي من الأهالي هي: في أي سن علي أن أزور اختصاصي النطق واللغة؟ وهل هناك سن معيّن يعتبر الطفل فيه صغير جدًا على زيارة اختصاصي النطق واللغة؟ لو شككت بشيء هل أنتظر حتى يكبر ويزول العارض دون تدخل؟ إجابة لهذه الأسئلة أود أن أضع بين أيديكم بعض العلامات التي يجب أن ينتبه لها الوالدين لمتابعة تطور أطفالهم النمائي ومعرفة متى بإمكانهم طلب المساعدة من مختص.
قبل أن نبدأ بذكر العلامات، أود أن أشدد على أهمية التدخل المبكر. لا يُنصح بالانتظار، التدخل المبكر يفيد الطفل بشكل مضاعف ويحد من تكون سلوكيات ثانوية تؤثر على نفسية الطفل على المدى الطويل. تذكر أن زيارة الأخصائي ليس من الممكن أن تضر، لكن قد يفوت عليك الانتظار فرصة الاستفادة من سنوات نمو اللغة وتطورها. بالطبع هذا لا يعني أن من فاته التدخل المبكر فقد فاته العلاج: تقدم الخدمات من اختصاصي النطق واللغة المرخص في أي سن. بادر بمراجعة اختصاصي النطق واللغة إذا لاحظت بأي مرحلة من مراحل نمو طفلك العلامات المذكورة أدناه.
زيارة اختصاصي النطق واللغة للطفل الرضيع والطفل دون سن المدرسة، ماهي العلامات؟
يستحسن زيارة المختص متى ما اتضح العارض الذي يدفع الأسرة للتساؤل والبحث عن الحلول؛ مثال: أن لا يكون الطفل متماشيًا مع المهارات التواصلية/اللغوية النمائية للأطفال في مثل سنه.
وهناك بعض الحالات الأكثر وضوحًا التي يعرفها الأهل بمجرد ولادة الطفل في شهوره الأولى، وهي على سبيل الذكر لا الحصر:
– إذا كان لدى طفلك اضطراب نمائي أو متلازمة استقلابية أو متلازمة جينية أو اضطراب عصبي أو عيب تخلقي يمكن أن يؤثر على تطور النطق واللغة (متلازمة داون، الحنك المشقوق والشفة المشقوقة)
– إذا كان طفلك بحاجة إلى تأهيل سمعي.
– الطفل الخديج، أو الذي حدثت له مضاعفات أثرت على سلامة الدماغ أثناء الولادة، مثل الضمور المخيخي، الشلل الدماغي، وغيرها من الاضطرابات العصبية.
– تعرض الطفل لسكتة دماغية، أو سقوطه على رأسه أو تعرضه للهز الشديد في شهور عمره الأولى (متلازمة هز الرضيع).
– إذا كان طفلك يعاني من نزلات برد متكررة والتهابات في الأذن في طفولته قد تسبب له فقدان سمع توصيلي (مشاكل في الأذن الوسطى مثل تجمع السوائل خلف الطبلة أو الأذن الصمغية).
– عند ملاحظة ضعف في سلوك طفلك التواصلي ( لا يشاركك في الأنشطة المشتركة، تواصله البصري ضعيف، تأخر في نطق كلماته الأولى، لديه صعوبات في البلع أو الإطعام)
– عند ملاحظة أن طفلك لا ينتبه لك أو لا يسمعك أو يلتفت لاسمه أو يحاول لفت انتباهك.
– إذا كان لديك في العائلة تاريخ إيجابي للتأخر اللغوي أو الاضطرابات النمائية المصاحبة للتأخر اللغوي ( كاضطراب طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه).
– إذا كنت تواجه صعوبة في فهم ما يقول الطفل بسبب عدم وضوح مخارج الحروف، أخطاء متكررة بنطق الأصوات، ولا يفهمه الآخرون، الغرباء منهم على وجه الخصوص.
– إذا كان طفلك غير ناطق أو يواجه صعوبات شديدة في الكلام – توجه لزيارة الاختصاصي لتقييمه وعلاجه وتدريبك على التواصل معه بطريقة فعالة-.
– وقد يحتاج الطفل/الشخص في أي مرحلة من مراحل حياته للتواصل التعويضي المعزز بسبب إعاقات واضطرابات منذ الولادة؛ مثل الشلل الدماغي أو اضطراب طيف التوحد أو أمراض/حوادث مكتسبة: سكتة دماغية، حادث سيارة أثر على منطقة الرأس والعنق.
– أن يواجه الطفل صعوبة في التواصل (سواء التعبير أم الاستيعاب) وذلك يتضمن مايلي: عدم فهم الأوامر البسيطة/المعقدة، أو الأنشطة متعددة الخطوات، و/ أو القصص، مشاكل في نطق الاصوات بطريقة فصيحة، أو يتلعثم (يتأتئ).
زيارة اختصاصي النطق واللغة للطفل في سن المدرسة، ماهي العلامات؟
– يكون الطالب ذو مفردات محدودة وأغلبها محسوس؛ صعوبة في فهم المعاني والمفاهيم التجريدية: الجمال والخيال والإبداع.
– استخدام الطالب جمل قصيرة لا تتناسب مع عمره، تظهر لديه أخطاء في قواعد اللغة والتراكيب ولا يستخدم التذكير والتأنيث، الضمائر، حروف الجر والعطف بشكل صحيح، مثال: فاطمة يأكل بالملعقة.
– الطالب يواجه صعوبات في القراءة والكتابة أصلها التأخر اللغوي: لديه صعوبة في التعبير بطلاقة، صعوبات في الإملاء، صعوبات في تكوين جمل طويلة متسلسلة، صعوبة في تكوين خطوات متسلسلة لإعداد نشاط ما، صعوبة في سرد القصص، وإجابة الاسئلة المختلفة
– الطالب لديه صعوبات براغماتية/ تداولية:مثل صعوبة في فهم السخرية، الكذب، النُكات، نبرة الصوت، تعابير الوجه، اللياقات الاجتماعية
زيارة اختصاصي النطق واللغة المتعلق باضطرابات في البلع والإطعام، ماهي العلامات؟
من الضروري أن يتم تقييم الأطفال ذوي اضطرابات البلع والبلعوم على يد مختص ووضع خطة علاجية فردية لهم. من أكثر الاضطرابات المتعلقة بعمليات البلع والإطعام شيوعاً (وهي على سبيل الذكر لا الحصر):
– صعوبات في البلع (شرقة متكررة مع الاكل أو الشرب، تقيؤ متكرر، بكاء وآلام مستمرة أثناء/بعد الوجبة، التهابات صدر متكررة، الوزن لا يزيد، وقت طويل للإطعام، لا يفتقد الطفل الطعام ولا يبحث عنه، مشاكل في المص والرضاعة، مشاكل في تقبل الطعام المهروس على عمر ٦ أشهر.
– تغير في عادات الأكل والإطعام أو استمرار سلوكيات غير محببة مرتبطة بنشاط الإطعام مثل: البكاء المتكرر وقت الاطعام، العصبية او الشرود والسرحان وقت الوجبة
– الانتقائية المبالغ فيها في اختيار الأطعمة؛ يأكل الطفل أنواع قليلة جدًا لا تلبي حاجاته النمائية الغذائية ويركز على ملامس وكثافات معينة في الطعام.
– الطفل لا يتقبل وضع الطعام في فمه أو يبصقه بشكل مكرر.
– الطفل لا يتقبل الأكل الصلب ويكتفي بالطعام المهروس.
– أكل الوجبة يستغرق وقت طويل جدًا ٤٥د- ساعة.
– الطفل هزيل أو يعاني من سمنة.
زيارة اختصاصي النطق واللغة للطفل/البالغ المتعلق باضطرابات في الصوت أو/ والطلاقة، ماهي العلامات؟
بعض الأمثلة تشمل:
– ظهور تغيّر في صوت الطفل: ( البحة، الخشونة، الهمس).
– ظهور تلعثم مفاجئ (تأتأة) لم تكن موجودة من قبل.
ماهي مقومات الاختصاصي الجيد التي يجب أن تبحث عنها؟
– أن يكون حاملًا الرخصة من هيئة التخصصات الطبية.
– أن يستمع إليك ويأخذ تاريخ مرضي مفصل.
– أن يراقب تصرفات طفلك ويتواصل معه و يلعب معه.
– ألا يخرجك من العيادة خلال الجلسات العلاجية.
– أن يقيم الطفل ويشخصه ويُطلعك على تشخيص مشكلته/اضطرابه.
– أن يشاركك نتائج التقييم ويطلعك على أهداف خطته العلاجية ويستشير الوالدين في أولوياتهم.
– أن تكون أهدافه تدريجية ومعقولة.
– أن يقدم للطفل تمارين لغوية إذا كان يخطط لمعالجة النطق، يقدم للطفل تمارين بلع إذا كان يخطط لمعالجة البلع.
– أن يقوم بتدريبك على تطبيق الاستراتيجيات في المنزل ويرشدك باستمرار.
– أن يتابع تقدم الطفل عن طريق إعطاء واجبات منزلية وطلبه مقاطع فيديو لتطبيق الوالدين للأنشطة.
ولقياس نمو لغة الطفل، من خلال مبادرة فصيح وبالشراكة مع المهيدب لخدمة المجتمع طورنا مقياس التطور اللغوي الذي يمكن الأسرة من معرفة مدى تطور لغة طفلهم، مع إظهار النتيجة خلال دقائق معدودة
كما نقدم من خلال تطبيق ينمو الأسرة جلسات استشارية مجانية لتشخيص حالة الطفل اللغوية بالتعاون مع مراكز معتمدة
هذا ونتمنى لجميع أطفالنا وأهاليهم دوام الصحة والعافية.
كتبته: نوره عبد الله الغصون، اختصاصي نطق ولغة أول. عيادات دار العرب، الرياض.