الخطط العلاجية قبل الرقمنة أم بعدها؟

01 نوفمبر 2021

لم تخيب التكنولوجيا المساعدة آمال مقدمي خدمات الرعاية و التعليم للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف المجالات في تحسين جودة خدماتهم نسبة إلى العديد من الدراسات العلمية. ويذكر شوفمان. وآخرون، (2017) في مقالتهم: إن الإتجاه إلى تحول الخدمات الأكاديمية و تحليل السلوك التطبيقي إلى الرقمي يحتل مكانة مهمة و سيدفع الخدمات إلى الإمام. وعاجلا أم آجلا، سيثبت بالأساس العلمي التجريبي¹.

إن نظام العمل – في النواحي الإدارية والأكاديمية – في مركز مستقبل الرواد للرعاية النهارية، الذي يوجه خدماته إلى الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان نظاما ورقيا يستهلك الآلاف من الأوراق و النماذج التي تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والمال لتصميمها وتنظيمها وطباعتها. و التي كانت تتعرض لخطر الضياع رغم حرص الكادرين الإداري والتربوي وبذل الكثير من الوقت والجهد لإيجادها أو استبدالها.

بخطوة شجاعة من كلا الكادرين التربوي والإداري للمركز تم اتخاذ قرار تجربة تحويل نظام العمل في المركز من الورقي إلى الرقمي عن طريق منصة “ينمو“.

مع تحول المركز للنظام الرقمي من الناحية التربوية -الأكاديمية والسلوكية- فإن جميع فريق العمل بلا استثناء. بدءً من المشرفة التربوية، وأخصائيات الخدمات المساندة: التخاطب، الأخصائية النفسية، الرياضة، العلاج الطبيعي، والفنون، والأخصائية الاجتماعية، و المعلمات، انتهاء بالوالدين، قاموا بتجربة استخدام منصة “ينمو”.

إن السبب الرئيسي الذي يدفعنا إلى التحدث عن تجربة مركز مستقبل الرواد للرعاية النهارية ونقلها للآخرين هو رؤية نتائجها الملموسة بشكل مادي على مستوى أداء الكادر ومدى رضا العملاء وتطورهم.

فعلى مستوى الإشراف التعليمي فإن تصميم نماذج التقارير أو زيارة كل فصل أو مرفق من مرافق الخدمات المساندة أو تفحص البيانات التربوية والسلوكية الورقية كان يستغرق عدة أسابيع، بينما مع تطبيق ينمو أصبح إنجاز العمل لا يتجاوز اليومين، لسهولة تصفح حسابات الطلاب ورؤية مدى تجاوبهم مع الخطط العلاجية عن طريق الرسوم البيانية أو من لوحة التحكم الخاصة بالطالب. مما ساعد على توفير وقت أكبر للإشراف التعليمي لإحداث تطورات جذرية في المنهج ليصبح أكثر فاعلية وأقوى أساسا علميا مما أنتج للمركز مكتبة الكترونية أكثر نظاماً وذات تعليمات وطرق تدريس وجمع بيانات أعلى وضوحاً ودقة ومصداقية.

أما من ناحية الخدمات المساندة فإن قضاء أسبوعين من تبادل الزيارات في النقاشات حول الخطط الفردية السلوكية أو اللغوية أو غيرهما من الخدمات المساندة تقلص إلى عدة أيام يكتفى بعدها بالاطلاع على المكتبة لمعرفة المنهج المخصص للخدمات المساندة.

و من الناحية التعليمية، فإن الجهد المهول الذي كانت تبذله المعلمات في التخطيط الفردي من اختيار أهداف تربوية وسلوكية وكتابة أهداف قصيرة المدى والتواصل مع فريق العمل ومناقشة وتحليل الأحداث للوصول إلى خطة فردية متكاملة، تقلص حرفياً إلى النصف بل أقل. فانصرفت جهود المعلمات إلى إدراج الأهداف قصيرة المدى فقط والمكتوبة من قبل الإشراف التعليمي إلى تلاميذهم. وبالتالي حصول وقت أكبر يصرف لتصميم الوسائل التعليمية والإبداع في طرق عرض المادة العلمية وتنفيذ الإجراءات التربوية والسلوكية الخاصة بكل خطة فردية. فضلا عن السلاسة وسهولة الوصول إلى معلومات الخطة الفردية لكل طالب كاملة ومرتبة عن طريق التطبيق أثناء الجلسة التعليمية الفردية المخصصة للطالب بالتزامن مع جمع البيانات الفوري. وكل ذلك مسبوقا بعده ثواني لتجهيز الجلسة التعليمية الفردية بدلا من صرف خمس دقائق أو أكثر من زمن الجلسة الفردية في الترتيب وتجهيز أوراق جمع البيانات ومراجعة الأهداف الفردية.

ولابد من ذكر أن التواصل مع الأهل الذي كان يكتب في دفتر الملاحظات اليومي للطفل بخط يد المعلمة على عجل حتى تتمكن من وضعه في حقيبة الطفل قبل عودته للمنزل والذي كان يستغرق من وقت وجهد وفكر المعلمات الشيء الكثير، فإنه أصبح أكثر متعة وسهولة وسرعة بحيث أن ما تكتبه المعلمة لأحد الأطفال، تستطيع نسخه ولصقه لبقية الأطفال الآخرين مع إضافة التعديلات الضرورية. ومن ثم مشاركته مع الوالدين بضغطة زر عن طريق تطبيق ينمو.

على مستوى التواصل مع الأهل فإنهم تجاوزوا توقعات المركز في سرعة تعلمهم استقبال الملاحظات اليومية عن أطفالهم والتي تم إرسالها لهم من المعلمات عبر إيميلاتهم. فأصبحوا يتطلعون لاستلامها يوما بعد يوم ويسعدون بقراءتها ويتساءلون عن طريق الإدارة في حال تأخرت عليهم يوما ما.

أخيرا وليس آخرا، فإن التقارير الدورية وخاصة النهائية التي كانت تستلزم من معظم الكادر مواصلة العمل عليها منزليا بشكل تطوعي لإخراجها بالشكل اللائق خلال أسبوعين، أصبحت تستغرق يومين عمل أو أكثر من المعلمات لإصدارها من الموقع لكل طفل مع إضافة توصياتهم لزيادة الفائدة للوالدين. إضافة إلى سهولة تحميل هذه التقارير واحتوائها على تصاميم جيدة و رسوم بيانية أكثر دقة.

وفي الختام فإننا نستطيع أن نرى من خلال هذا العرض الموجز لتجربة مركز مستقبل الرواد للرعاية النهارية في رقمنة الخطط العلاجية أننا بكل موضوعية يمكننا أن نسميها نجاحا. ولا يمكننا إغفال أن طريقة عرض منصة ينمو على المركز وفترة التجريب المجانية والشرح الاحترافي من قبل فريق ينمو. راجين في ختامنا المزيد من التقدم والإبداع والعالمية في خدمات “ينمو” المقدمة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة مع توظيف الأجهزة الذكية والتكنولوجيا المساعدة في ذلك.

أبرار إبراهيم متولي

ماجستير احتياجات خاصة (اضطراب طيف التوحد) -جامعة تمبل

المشرفة التعليمية لمركز مستقبل الرواد للرعاية النهارية

المرجع:

  1. “Methods for Evaluating the Content, Usability, and Efficacy of Commercial Mobile Health Apps”

Jake-Schoffman, D. E., Silfee, V. J., Waring, M. E., Boudreaux, E. D., Sadasivam, R. S., Mullen, S. P., . . . Pagoto, S. L. (2017). Methods for Evaluating the Content, Usability, and Efficacy of Commercial Mobile Health Apps. JMIR MHealth and UHealth,5(12). doi:10.2196/mhealth.8758